surgery



ايه يكون شعور أى فرد لو حضر عملية جراحية ..؟

بشرط انه يكون مش طبيب ولا يعرف أى شئ فى الطب ...

اكيد شعور مختلف جدا عن شعور الطبيب اللى بيعتبر الطب مهنة والمريض حالة

مجرد حالة عايز يخلصها بسرعة عشان ياخد اللى بعدها ..

بعيدا تماما عن المشاعر الانسانية اللى بيشعر بيها اهل المريض لو حد دخل منهم حجرة العمليات ...

وأعتقد كمان انه شعور مختلف عن شعور طبيب مبتدأ أول مرة يخش حجرة عمليات بجد لأن بطبيعته هيكون قلقان اوى ومضطرب بس ده لأنه بيطمح فى إنه يحقق نجاح فى مشواره من ورا الحالة دى مش من اجل المشاعر الانسانية ناحية المريض...

أفتكر ان طبيعة مهنة الطبيب بتخلى متحكم فى أعصابه .. لازم يحاول انه يبعد عن اى انفعال

ولازم يتعامل مع المريض على انه مجرد حالة .. مش معنى كده انه مش بيشعر تجاهه بمشاعر انسانية بس اللى متأكده منه انها مشاعر مختلفة تماما ً عن مشاعر الشخص العادى خاصة لو من أهل المريض


(( اليوم حضرت عملية جراحية بسيطة جدا ً لشخص من أقاربى كنت انا كالمسؤلة عنه ))

والغريب انى قدرت أشاهد العملية دى بدون أن أزيح وجهى او أن اغمض أعينى

فشاهدت الطبيب وهو يعطيها مخدر البينج ورأيت الخوف بعينيها والدموع تسيل منها من الالم

أما هو فلم يلتفت إلى هذا الخوف أو تلك الدموع كإنه منهمك بعمل أقوى من الإلتفات لهذه المشاعر البلهاء

وبعد ذلك قال كلمته المعتادة :ـ (( لن تشعرى بشئ بعد الآن...))

لكنها كانت تشعر بالخوف كأن الألم سيتخلل إليها عبر المخدر فهى طفلة لم تتجاوز الأثنى عشر عاماً

ورأيتها تغمض عينيها تدفن رأسها بين ذراعى أمها خوفاً من أن ترى شكل الدماء

ورأيت الطبيب غير مكترث بمشاعر طفلة بريئة يشهر مشرطه الحاد يصرخ بها : ـ (( لا داعى للبكاء ))

فبدأ فى جرح بشرتها الرقيقة بعنف فتدفقت الدماء بغزارة ثم إقتلع جزء من لحمها

وكأنه قطعة من القماش يقتلع منها ما لا يعجبه ثم يقوم بنسج الباقى..

فرأيته جاد جدا ً لا ينظر إليها إطلاقاً غير مكترث الا بمشرطه وكإنه يعزف سيمفونيه ولا يريد اى تدخل خارجى حتى ولو من المريضة نفسها ..

ثم بدأ فى تنظيف الجرح ببطئ وبدأ بعد ذلك فى حياكة الجرح ورأيته وهو يغزل بشرتها الرقيقة حتى إنتهى

ثم قام بوضع القطن والشاش على الجرح المزعوم وغلفه

ثم قال : ـ (( حمد الله على السلامة , تقدرى تمشى دلوقتى ))

وأخذت أمسح دموعها وكإنى ألملم بقايا طفلة مجروحة وهو تقول : ـ (( مش عايزة أعمل عمليات تانى ))

وهنا تسائلت : ـ

( هل شعر الطبيب بكل ما شعرت به أنا , هل فكر فيما فكرت بها , أم أن مشاعره وتفكيره كانا مختلفان ؟)

((هل كلف نفسه عناء التفكير فى مشاعر هذه الطفلة بعد تلك الجراحة , أم إنها مجرد حالة قد مرت فليستعد للحالة القادمة ..؟))

هل الطبيب ما هو إلا آلة تؤدى عملها لابد ان يفصل نفسه عن كل هذه المشاعر الانسانية التى أعتبرها ضرورية للشعور بالحياة ..؟


((لو كده يبقى يا بخته .. لأنه بيقدر يلغى مشاعره فى أى وقت ))

0 التعليقات: